الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَإِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَرَاوَدَتِامْرَأَةُ الْعَزِيزِ، وَهِيَ الَّتِي كَانَ يُوسُفُ فِي بَيْتِهَا [ يُوسُفَ ] عَنْ نَفْسِهِ، أَنْ يُوَاقِعَهَا، كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ، رَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ، امْرَأَةُ الْعَزِيزِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} قَالَ: أَحَبَّتْهُ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَتْ: تَعَالَهْ. وَقَوْلُهُ: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ}، يَقُولُ: وَغَلَّقَتِ الْمَرْأَةُ أَبْوَابَ الْبُيُوتِ عَلَيْهَا وَعَلَى يُوسُفَ، لِمَا أَرَادَتْ مِنْهُ وَرَاوَدَتْهُ عَلَيْهِ، بَابًا بَعْدَ بَابٍ. وَقَوْلُهُ: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}، اخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ. فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: {هَيْتَ لَكَ} بِفَتْحِ، الْهَاءِ وَالتَّاءِ، بِمَعْنَى: هَلُمَّ لَكَ، وَادْنُ وَتَقَرَّبْ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَبْلِـغْ أَمِـيرَ الْمُـؤْمِنِينَ *** أَخَـا العِـرَاقِ إِذَا أَتَيْنَـا أَنَّ العِـرَاقَ وَأَهْلَـهُ *** عُنُـقٌ إِلَيْـكَ فَهَيْـتَ هَيْتَـا يَعْنِي: تَعَالَ وَاقْرُبْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَأَوَّلَهُ مَنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {هَيْتَ لَكَ} تَقُولُ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ: {هَيْتَ لَكَ} نَصْبًا، أَيْ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: تَقُولُ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُهَيْلٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ الْجَزَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ قَالَ: هِيَ بالحَوْرانِيَّةِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِِ: {هَيْتَ لَكَ} يَقُولُ بَعْضُهُمْ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ وَهِيَ بِالْقِبْطِيَّةِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِِ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: كَلِمَةٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، أَيْ: عَلَيْكَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِِ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْبُوبٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِِ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍٍ، عَنْ زِرٍّ: {هَيْتَ لَكَ}، أَيْ: هَلُمَّ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي فِي قَوْلِهِ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحِذَاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: {هَيْتَ لَكَ} وَقَالَ: تَدْعُوهُ إِلَى نَفْسِهَا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: لُغَةٌ عَرَبِيَّةٌ، تَدْعُوهُ بِهَا. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لُغَةٌ بِالْعَرَبِيَّةِ، تَدْعُوهُ بِهَا إِلَى نَفْسِهَا. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، عَنْ وَرَقَّاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو سَوَاءً. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِِ: {هَيْتَ لَكَ} بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالتَّاءِ، وَقَالَ: تَقُولُ: هَلُمَّ لَكَ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانَ الْكِسَائِيُّ يَحْكِيهَا يَعْنِي: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: وَقَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ لِأَهْلِ حُورَانَ وَقَعَتْ إِلَى الْحِجَازِ، مَعْنَاهَا: “ تَعَالَ “. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَأَلْتُ شَيْخًا عَالِمًا مِنْ أَهْلِ حُورَانَ، فَذَكَرَ أَنَّهَا لُغَتُهُمْ، يَعْرِفُهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: تَعَالَ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْ نُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} قَالَ: هَلُمَّ لَكَ، إِلَيَّ. وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ: “ وَقَالَتْ هِئْتُ لَكَ “ بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَضَمِّ التَّاءِ، وَالْهَمْزَةِ، بِمَعْنَى: تَهَيَّأْتُ لَكَ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: “ هِئْتُ لِلْأَمْرِ أَهِيءُ هَيْئَةً “. وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُمَا. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أَبَانَ الْعَطَّارِ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا كَذَلِكَ، مَكْسُورَ الْهَاءِ، مَضْمُومَةَ التَّاءِ. قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا أَعْلَمُهَا إِلَّا مَهْمُوزَةً. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَبَانَ الْعَطَّارِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: “ هِئْتُ لَكَ “ أَيْ: تَهَيَّأْتُ لَكَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ: تَهَيَّأْتُ لَكَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمَّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: “ هِئْتُ لَكَ “ قَالَ عِكْرِمَةُ: تَهَيَّأْتُ لَكَ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ يَقُولُ: “ هِئْتُ لَكَ: “ أَيْ تَهَيَّأْتُ لَكَ. وَكَانَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيُّ يُنْكِرَانِ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ. حُدِّثْتُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مُعَمِّرُ بْنُ الْمُثَنَّى: شَهِدْتُ أَبَا عَمْرٍو وَسَأَلَهُ أَبُو أَحْمَدَ أَوْ أَحْمَدُ وَكَانَ عَالِمًا بِالْقُرْآنِ [وَكَانَ لَأْلَاءً، ثُمَّ كَبِرَ، فَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، فَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْهُ الْقُرْآنُ، وَيَكُونُ مَعَ الْقُضَاةِ، فَسَأَلَهُ] عَنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: “ هِئْتُ لَكَ “ بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَهَمْزِ الْيَاءِ. فَقَالَ: أَبُو عَمْرٍو: [سى] إِي: بَاطِلٌ، جَعَلَهَا، “ فَعَلْتُ “ مَنْ “ تَهَيَّأْتُ “، فَهَذَا الْخَنْدَقُ، فَاسْتَعْرِضِ الْعَرَبَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْيَمَنِ، هَلْ تَعْرِفُ أَحَدًا يَقُولُ: “ هِئْتُ لَكَ “؟ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ الْكِسَائِيُّ يَحْكِي “ هِئْتُ لَكَ “ عَنِ الْعَرَبِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قَرَأَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: “ هِيتَ لَكَ “ بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَتَسْكِينِ الْيَاءِ، وَفَتْحِ التَّاءِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: “ هَيْتُ لَكَ “ بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَتَسْكِينِ الْيَاءِ، وَضَمِّ التَّاءِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ: “ هَيْتِ لَكَ “ بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَكَسْرِ التَّاءِ. وَقَدّ أَنْشَدَ بَعْضُ الرُّوَاةِ بَيْتًا لِطَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ فِي “ هَيْتُ “ بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَضَمِّ التَّاءِ، وَذَلِكَ: لَيْسَ قَـومِي بِـالْأَبْعَدِينَ إِذَا مَـا *** قَـالَ دَاعٍ مِـنَ الْعَشِـيرَةِ هَيْـتُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ: {هَيْتَ لَكَ} بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالتَّاءِ، وَتَسْكِينِ الْيَاءِ، لِأَنَّهَا اللُّغَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الْعَرَبِ دُونَ غَيْرِهَا، وَأَنَّهَا فِيمَا ذُكِرَ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍٍ: قَدْ سَمِعْتُ الْقَرَأَةَ، فَسَمِعْتُهُمْ مُتَقَارِبِينَ، فَاقْرَءُوا كَمَا عُلِّمْتُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ وَالِاخْتِلَافَ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ: “ هَلُمَّ “ وَ“ تَعَالَ “. ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {هَيْتَ لَكَ} فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ نَاسًا يَقْرَءُونَهَا: “ هَيْتُ لَكَ “ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي أَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْتُ، أَحَبُّ إِلَيَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: مَا كُنَّا نَقْرَؤُهَا إِلَّا “ هَيْتُ لَكَ “، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي أَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْتُ، أَحَبُّ إِلَيَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: {هَيْتَ لَكَ} فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ: إِنَّ نَاسًا يَقْرَءُونَهَا: “ هَيْتُ لَكَ “ فَقَالَ: دَعُونِي، فَإِنِّي أَقْرَأُ كَمَا أَقُرِئْتُ أَحَبُّ إِلَيَّ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: {هَيْتَ لَكَ} بِنَصْبِ الْهَاءِ، وَالتَّاءِ، وَبِلَا هَمْزٍ. وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ مُعَمِّرُ بْنُ الْمُثَنَّى: أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَثْنِي “ هَيْتَ “ وَلَا تَجْمَعُ وَلَا تُؤَنِّثُ، وَأَنَّهَا تُصَوِّرُهُ فِي كُلِّ حَالٍ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْعَدَدُ بِمَا بَعْدُ، وَكَذَلِكَ التَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ. وَقَالَ: تَقُولُ لِلْوَاحِدِ: “ هَيْتَ لَكَ “، وَلِلِاثْنَيْنِ: “ هَيْتَ لَكُمَا “، وَلِلْجَمْعِ: “ هَيْتَ لَكُمْ “، وَلِلنِّسَاءِ: “ هَيْتَ لَكُنَّ “. وَقَوْلُهُ: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ} يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: قَالَ يُوسُفُ إِذْ دَعَتْهُ الْمَرْأَةُ إِلَى نَفْسِهَا، وَقَالَتْ لَهُ: “ هَلُمَّ إِلَيَّ: “ أَعْتَصِمُ بِاللَّهِ مِنَ الَّذِي تَدْعُونِي إِلَيْهِ، وَأَسْتَجِيرُ بِهِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} يَقُولُ: إِنَّ صَاحِبَكِ وَزَوْجَكِ سَيِّدِي، كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي} قَالَ: سَيِّدِي. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: {إِنَّهُ رَبِّي} قَالَ: سَيِّدِي. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} قَالَ: سَيِّدِي يَعْنِي: زَوْجَ الْمَرْأَةِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي} يَعْنِي: إِطْفِيرَ. يَقُولُ: إِنَّهُ سَيِّدِي. وَقَوْلُهُ: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} يَقُولُ: أَحْسَنَ مَنْـزِلَتِي، وَأَكْرَمَنِي وَائْتَمَنَنِي، فَلَا أَخُونُهُ، كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} أَمِنَنِي عَلَى بَيْتِهِ وَأَهْلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} فَلَا أَخُونُهُ فِي أَهْلِهِ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} قَالَ: يُرِيدُ يُوسُفُ سَيِّدَهُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} يَقُولُ: إِنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْبَقَاءَ، وَلَا يَنْجَحُ مَنْ ظَلَمَ، فَفَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ. وَهَذَا الَّذِي تَدْعُونِي إِلَيْهِ مِنَ الْفُجُورِ، ظُلْمٌ وَخِيَانَةٌ لِسَيِّدِي الَّذِي ائْتَمَنَنِي عَلَى مَنْـزِلِهِ، كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} قَالَ: هَذَا الَّذِي تَدْعُونِي إِلَيْهِ ظُلْمٌ، وَلَا يُفْلِحُ مَنْ عَمِلَ بِهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِكَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ذُكِرَ أَنَّامْرَأَةَ الْعَزِيزِلَمَّا هَمَّتْ بِيُوسُفَ وَأَرَادَتْ مُرَاوَدَتَهُ، جَعَلَتْ تَذْكُرُ لَهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ، وَتُشَوِّقُهُ إِلَى نَفْسِهَا، كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: قَالَتْ لَهُ: يَا يُوسُفُ، مَا أَحْسَنَ شَعْرَكَ! قَالَ: هُوَ أَوَّلُ مَا يَنْتَثِرُ مِنْ جَسَدِي. قَالَتْ: يَا يُوسُفُ، مَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ! قَالَ: هُوَ لِلتُّرَابِ يَأْكُلُهُ. فَلَمْ تَزَلْ حَتَّى أَطْمَعَتْهُ، فَهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا، فَدَخَلَا الْبَيْتَ، وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ، وَذَهَبَ لِيَحِلَّ سَرَاوِيلَهُ، فَإِذَا هُوَ بِصُورَةِ يَعْقُوبَ قَائِمًا فِي الْبَيْتِ، قَدْ عَضَّ عَلَى إِصْبَعِهِ، يَقُولُ: “ يَا يُوسُفُ لَا تُوَاقِعْهَا فَإِنَّمَا مَثَلُكَ مَا لَمْ تُوَاقِعْهَا مَثَلُ الطَّيْرِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ لَا يُطَاقُ، وَمَثَلُكَ إِذَا وَاقَعْتَهَا مَثَلُهُ إِذَا مَاتَ وَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ. وَمَثَلُكَ مَا لَمْ تُوَاقِعْهَا مَثَلُ الثَّوْرِ الصَّعْبِ الَّذِي لَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ، وَمَثَلُكَ إِنْ وَاقَعْتَهَا مَثَلُ الثَّوْرِ حِينَ يَمُوتُ فَيَدْخُلُ النَّمْلُ فِي أَصْلِ قَرْنَيْهِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ “، فَرَبَطَ سَرَاوِيلَهُ، وَذَهَبَ لِيَخْرُجَ يَشْتَدُّ، فَأَدْرَكَتْهُ، فَأَخَذَتْ بِمُؤَخَّرِ قَمِيصِهِ مِنْ خَلْفِهِ فَخَرَقَتْهُ، حَتَّى أَخْرَجَتْهُ مِنْهُ وَسَقَطَ، وَطَرَحَهُ يُوسُفُ وَاشْتَدَّ نَحْوَ الْبَابِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَكَبَّتْ عَلَيْهِ- يَعْنِي الْمَرْأَةَ- تُطْمِعُهُ مَرَّةً وَتُخِيفُهُ أُخْرَى، وَتَدْعُوهُ إِلَى لَذَّةٍ مِنْ حَاجَةِ الرِّجَالِ فِي جَمَالِهَا وَحُسْنِهَا وَمُلْكِهَا، وَهُوَ شَابُّ مُسْتَقْبِلٌ يَجِدُ مِنْ شَبَقِ الرِّجَالِ مَا يَجِدُّ الرَّجُلُ؛ حَتَّى رَقَّ لَهَا مِمَّا يَرَى مَنْ كَلَفِهَا بِهِ، وَلَمْ يَتَخَوَّفْ مِنْهَا حَتَّى هَمَّ بِهَا وَهَمَّتْ بِهِ، حَتَّى خَلَوْا فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ. وَمَعْنَى “ الْهَمِّ بِالشَّيْءِ “، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: حَدِيثُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ بِمُوَاقَعَتِهِ، مَا لَمْ يُوَاقِعْ. فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ بِالْمَرْأَةِ وَهَمِّهَا بِهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا فِي ذَلِكَ مَا أَنَا ذَاكَرُهُ، وَذَلِكَ مَا:- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَسَهْلُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنْ هَمِّ يُوسُفَ مَا بَلَغَ؟ قَالَ: حَلَّ الْهِمْيَانَ، وَجَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَاتِنِ لَفْظُ الْحَدِيثِ لِأَبِي كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَاتِنِ، وَحَلَّ الْهِمْيَانَ. حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَّانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ: مَا بَلَغَ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ؟ قَالَ: حَلَّ الْهِمْيَانَ، وَجَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَاتِنِ. حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُدَيٍّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا بَلَغَ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ؟ قَالَ: اسْتَلْقَتْ لَهُ، وَجَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: اسْتَلْقَتْ لَهُ، وَحَلَّ ثِيَابُهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}، مَا بَلَغَ؟ قَالَ: اسْتَلْقَتْ لَهُ وَجَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، وَحَلَّ ثِيَابَهُ أَوْ ثِيَابَهَا. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مَا بَلَغَ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ؟ قَالَ: اسْتَلْقَتْ عَلَى قَفَاهَا، وَقَعَدَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا لِيَنْـزَعَ ثِيَابَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} مَا بَلَغَ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ؟ قَالَ: حَلَّ الْهِمْيَانَ يَعْنِي السَّرَاوِيلَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: حَلَّ السَّرَاوِيلَ حَتَّى إِلْيَتَيْهِ وَاسْتَلْقَتْ لَهُ. حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سَعِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: حَلَّ سَرَاوِيلَهُ، حَتَّى وَقَعَ عَلَى إِلْيَتَيْهِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بِزَّةَ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: أَمَّا هَمُّهَا بِهِ، فَاسْتَلْقَتْ لَهُ وَأَمَّا هَمُّهُ بِهَا، فَإِنَّهُ قَعَدَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا وَنَـزَعَ ثِيَابَهُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا بَلَغَ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ؟ قَالَ: اسْتَلْقَتْ لَهُ، وَجَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا يَنْـزَعُ ثِيَابَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ، قَالَا حَلَّ السَّرَاوِيلَ، وَجَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَاتِنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: اسْتَلْقَتْ، وَحَلَّ ثِيَابَهُ حَتَّى بَلَغَ أَلْيَاتِهِ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: أَطْلَقَ تِكَّةَ سَرَاوِيلِهِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ هَمِّ يُوسُفَ مَا بَلَغَ؟ قَالَ: حَلَّ الْهِمْيَانَ، وَجَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَاتِنِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنَّ يُوصَفَ يُوسُفُ بِمَثَلِ هَذَا، وَهُوَ لِلَّهِ نَبِيٌّ؟ قِيلَ: إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِخَطِيئَةٍ، فَإِنَّمَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِهَا، لِيَكُونَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى وَجَلٍ إِذَا ذَكَرَهَا، فَيَجِدُ فِي طَاعَتِهِ إِشْفَاقًا مِنْهَا، وَلَا يَتَّكِلُ عَلَى سِعَةِ عَفْوِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، لِيُعَرِّفَهُمْ مَوْضِعَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ، بِصَفْحِهِ عَنْهُمْ، وَتَرْكِهِ عُقُوبَتَهُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ ابْتَلَاهُمْ بِذَلِكَ لِيَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الذُّنُوبِ فِي رَجَاءِ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَتَرْكِ الْإِيَاسِ مِنْ عَفْوِهِ عَنْهُمْ إِذَا تَابُوا. وَأَمَّا آخَرُونَ مِمَّنْ خَالَفَ أَقْوَالَ السَّلَفِ وتأوَّلُوا الْقُرْآنَ بِآرَائِهِمْ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَلَقَدْ هَمَّتِ الْمَرْأَةُ بِيُوسُفَ، وَهَمَّ بِهَا يُوسُفُ أَنْ يَضْرِبَهَا أَوْ يَنَالَهَا بِمَكْرُوهٍ لِهَمِّهَا بِهِ مِمَّا أَرَادَتْهُ مِنَ الْمَكْرُوهِ، لَوْلَا أَنَّ يُوسُفَ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ، وَكَفَّهُ ذَلِكَ عَمَّا هَمَّ بِهِ مِنْ أَذَاهَا لَا أَنَّهَا ارْتَدَعَتْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا. قَالُوا: وَالشَّاهِدُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} قَالُوا: فَالسُّوءُ هُوَ مَا كَانَ هَمَّ بِهِ مِنْ أَذَاهَا، وَهُوَ غَيْرُ “ الْفَحْشَاءِ “. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: مَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ، فَتَنَاهَى الْخَبَرُ عَنْهَا. ثُمَّ ابْتُدِئَ الْخَبَرُ عَنْ يُوسُفَ، فَقِيلَ: “ وَهَمَّ بِهَا يُوسُفُ لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ “. كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا مَعْنَى الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ يُوسُفَ لَمْ يَهِمَّ بِهَا، وَأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ يُوسُفَ لَوْلَا رُؤْيَتُهُ بُرْهَانَ رَبِّهِ لَهَمَّ بِهَا، وَلَكِنَّهُ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ فَلَمْ يَهِمَّ بِهَا، كَمَا قِيلَ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}، [النِّسَاءِ: 83]. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَيُفْسِدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُقَدِّمُ جَوَابَ “ لَوْلَا “ قَبْلَهَا، لَا تَقُولُ: “ لَقَدْ قُمْتُ لَوْلَا زَيْدٌ “، وَهِيَ تُرِيدُ: “ لَوْلَا زَيْدٌ لَقَدْ قُمْتُ “، هَذَا مَعَ خِلَافِهِمَا جَمِيعَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، الَّذِينَ عَنْهُمْ يُؤْخَذُ تَأْوِيلُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ قَدْ هَمَّتِ الْمَرْأَةُ بِيُوسُفَ، وَهَمَّ يُوسُفُ بِالْمَرْأَةِ، غَيْرَ أَنَّ هَمَّهُمَا كَانَ تَمْيِيلًا مِنْهُمَا بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، لَا عَزْمًا وَلَا إِرَادَةً. قَالُوا: وَلَا حَرَجَ فِي حَدِيثِ النَّفْسِ، وَلَا فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا عَزْمٌ وَلَا فِعْلٌ. وَأَمَّا “ الْبُرْهَانُ “ الَّذِي رَآهُ يُوسُفُ، فَتَرَكَ مِنْ أَجْلِهِ مُوَاقَعَةَ الْخَطِيئَةِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُودِيَ بِالنَّهْيِ عَنْ مُوَاقَعَةِ الْخَطِيئَةِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: نُودِيَ: يَا يُوسُفُ، أَتَزْنِي، فَتَكُونُ كَالطَّيْرِ وَقَعَ رِيشُهُ، فَذَهَبَ يَطِيرُ فَلَا رِيشَ لَهُ؟ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمْ يُعْطِ عَلَى النِّدَاءِ، حَتَّى رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ، قَالَ: تِمْثَالُ صُورَةِ وَجْهِ أَبِيهِ قَالَ سُفْيَانُ: عَاضًّا عَلَى أُصْبُعِهِ فَقَالَ: يَا يُوسُفُ، تَزْنِي، فَتَكُونُ كَالطَّيْرِ ذَهَبَ رِيشُهُ؟ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُدَيٍّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نُودِيَ: يَا ابْنَ يَعْقُوبَ، لَا تَكُنْ كَالطَّائِرِ لَهُ رِيشٌ، فَإِذَا زَنَى ذَهَبَ رِيشُهُ، أَوْ قَعَدَ لَا رِيشَ لَهُ. قَالَ: فَلَمْ يُعْطِ عَلَى النِّدَاءِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، أَنَّهُ رَأَى أَبَاهُ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ. حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: نُودِيَ فَلَمْ يَسْمَعْ، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ يَعْقُوبَ، تُرِيدُ أَنْ تَزْنِيَ، فَتَكُونُ كَالطَّيْرِ نُتِفَ فَلَا رِيشَ لَهُ؟ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ يُوسُفَ لَمَّا جَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ يَحِلُّ هِمْيَانَهُ، نُودِيَ: يَا يُوسُفُ بْنَ يَعْقُوبَ، لَا تَزْنِ، فَإِنَّ الطَّيْرَ إِذَا زَنَى تَنَاثَرَ رِيشُهُ. فَأَعْرَضَ، ثُمَّ نُودِيَ فَأَعْرَضَ، فَتَمَثَّلَ لَهُ يَعْقُوبُ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ، فَقَامَ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نُودِيَ: يَا ابْنَ يَعْقُوبَ، لَا تَكُنْ كَالطَّيْرِ إِذَا زَنَى ذَهَبَ رِيشُهُ، وَبَقِيَ لَا رِيشَ لَهُ! فَلَمْ يُطِعْ عَلَى النِّدَاءِ، فَفُزِّعَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نُودِيَ: يَا ابْنَ يَعْقُوبَ لَا تكونَنَّ كَالطَّائِرِ لَهُ رِيشٌ، فَإِذَا زَنَى ذَهَبَ رِيشُهُ قَالَ: أَوْ قَعَدَ لَا رِيشَ لَهُ فَلَمْ يُعْطِ عَلَى النِّدَاءِ شَيْئًا، حَتَّى رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ، فَفَرِقَ فَفَرَّ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نُودِيَ: يَا ابْنَ يَعْقُوبَ، أَتَزْنِي، فَتَكُونُ كَالطَّيْرِ وَقَعَ رِيشُهُ، فَذَهَبَ يَطِيرُ فَلَا رِيشَ لَهُ؟ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: نُودِيَ يُوسُفُ فَقِيلَ: أَنْتَ مَكْتُوبٌ فِي الْأَنْبِيَاءِ، تَعْمَلُ عَمَلَ السُّفَهَاءِ؟ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانِ. عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: نُودِيَ: يُوسُفُ بْنَ يَعْقُوب، تَزْنِي، فَتَكُونُ كَالطَّيْرِ نُتِفَ فَلَا رِيشَ لَهُ؟ وَقَالَ آخَرُونَ: “ الْبُرْهَانُ “ الَّذِي رَأَى يُوسُفُ فَكَفَّ عَنْ مُوَاقَعَةِ الْخَطِيئَةِ مِنْ أَجْلِهِ، صُورَةُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَتَوَعَّدُهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى صُورَةً أَوْ: تِمْثَالَ وَجْهِ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُسَعَّرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى تِمْثَالَ وَجْهِ أَبِيهِ، قَائِلًا بِكَفِّهِ هَكَذَا وَبَسَطَ كَفَّهُ فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ عَاضًّا عَلَى أَصَابِعِهِ، فَضَرَبَ صَدْرَهُ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ وَاضِعًا أُنْمُلَتَهُ عَلَى فِيهِ، يَتَوَعَّدُهُ، فَفَرَّ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قَالَ: حِينَ رَأَى يَعْقُوبَ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ، قَالَ: فَنِـزِعَتْ شَهْوَتُهُ الَّتِي كَانَ يَجِدُهَا، حَتَّى خَرَجَ يَسْعَى إِلَى بَابِ الْبَيْتِ، فَتَبِعَتْهُ الْمَرْأَةُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السُّدُوسِيِّ، عَنِ الْحَسَنِِ، قَالَ: زَعَمُوا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ سَقْفَ الْبَيْتِ انْفَرَجَ، فَرَأَى يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى أَصَابِعِهِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِِ، فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى تِمْثَالَ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ يَقُولُ: يُوسُفُ ! يُوسُفُ ! حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِِ، نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى تِمْثَالَ وَجْهِ يَعْقُوبَ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَأَى صُورَةً فِيهَا وَجْهُ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى أَصَابِعِهِ، فَدَفَعَ فِي صَدْرِهِ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. فَكُلُّ وَلَدِ يَعْقُوبَ وُلِدَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا إِلَّا يُوسُفَ، فَإِنَّهُ نَقَصَ بِتِلْكَ الشَّهْوَةِ، وَلَمْ يُولَدْ لَهُ غَيْرُ أَحَدَ عَشَرْ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ الْبُرْهَانَ الَّذِي رَأَى يُوسُفُ، يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْإِيلِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ، حَتَّى رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ فِي الْجُدُرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، قَالَ: نُودِيَ: يَا ابْنَ يَعْقُوبَ، لَا تَكُونَنَّ كَالطَّيْرِ لَهُ رِيشٌ، فَإِذَا زَنَى قَعَدَ لَيْسَ لَهُ رِيشٌ. فَلَمْ يُعْرِضْ لِلنِّدَاءِ وَقَعَدَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَأَى وَجْهَ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ، فَقَامَ مَرْعُوبًا اسْتِحْيَاءً مِنَ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، وَجْهَ يَعْقُوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ عَاضًّا عَلَى أَصَابِعِهِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ، فَدَفَعَ فِي صَدْرِهِ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، قَالَ: كَانَ يُولَدُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ اثْنَا عَشَرَ ابْنًا، إِلَّا يُوسُفَ، وُلِدَ لَهُ أَحَدَ عَشَرَ، مِنْ أَجْلِ مَا خَرَجَ مِنْ شَهْوَتِهِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا: ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ يَقُولُ: بَلَغَ مِنْ شَهْوَةِ يُوسُفَ أَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَنَانِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، عَنْ قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ عَاضًّا عَلَى أَصَابِعِهِ يَقُولُ: يُوسُفُ بْنَ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، اسْمُكَ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَتَعْمَلُ عَمَلَ السُّفَهَاءِ؟ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زَرِيعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِِ، فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ يَقُولُ: يُوسُفُ ! حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمَّرٍ، قَالَ، قَالَ قَتَادَةُ: رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ، فَقَالَ: يَا يُوسُفُ، تَعْمَلُ عَمَلَ الْفُجَّارِ، وَأَنْتَ مَكْتُوبٌ فِي الْأَنْبِيَاءِ؟ فَاسْتَحْيَى مِنْهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} رَأَى آيَةً مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ، حَجَزَهُ اللَّهُ بِهَا عَنْ مَعْصِيَتِهِ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ حَتَّى كَلَّمَهُ، فَعَصَمَهُ اللَّهُ، وَنـَزَعَ كُلَّ شَهْوَةٍ كَانَتْ فِي مَفَاصِلِهِ. قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِِ: أَنَّهُ مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ وَهُوَ عَاضٌّ عَلَى إِصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِهِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ يَقُولُ: يَا يُوسُفُ ! يَا يُوسُفُ ! يَعْنِي قَوْلَهُ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ وَيُونُسَ عَنِ الْحَسَنِِ، فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، قَالَ: رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ، عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ يَقُولُ: يُوسُفُ ! يُوسُفُ ! حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ شَمَرَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: نَظَرَ يُوسُفُ إِلَى صُورَةِ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ يَقُولُ: يَا يُوسُفُ ! فَذَاكَ حَيْثُ كَفَّ، وَقَامَ فَانْدَفَعَ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ وَأَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى صُورَةً فِيهَا وَجْهُ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى أَصَابِعِهِ، فَدَفَعَ فِي صَدْرِهِ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ بَيْنِ أَنَامِلِهِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَعَّرٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: رَأَى تِمْثَالَ وَجْهِ أَبِيهِ، فَخَرَجَتِ الشَّهْوَةُ مِنْ أَنَامِلِهِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، قَالَ: تِمْثَالُ صُورَةِ يَعْقُوبَ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِِ، قَالَ: رَأَى يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى يَدِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، قَالَ: يَعْقُوبُ، ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أَنَامِلِهِ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، آيَةً مِنْ رَبِّهِ؛ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ، فَاسْتَحْيَى مِنْهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْبُرْهَانُ الَّذِي رَأَى يُوسُفُ، مَا أَوْعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الزِّنَا أَهْلَهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، قَالَ: رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ، فَإِذَا كِتَابٌ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 32]. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: رَفَعَ يُوسُفُ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ حِينَ هَمَّ، فَرَأَى كِتَابًا فِي حَائِطِ الْبَيْتِ: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}. قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحِبَابِ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ: لَوْلَا مَا رَأَى فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَعْظِيمِ الزِّنَا. حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ فِي الْبُرْهَانِ الَّذِي رَأَى يُوسُفُ: ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} الْآيَةَ، [سُورَةُ الِانْفِطَارِ: 10]، وَقَوْلُهُ: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} الْآيَةَ، [سُورَةُ يُونُسَ: 61]، وَقَوْلُهُ: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [سُورَة الرَّعْدِ: 33]. قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ أَبَا هِلَالٍ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِ الْقُرَظِيِّ، وَزَادَ آيَةً رَابِعَةً: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} فَقَالَ: مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الزِّنَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ رَأَى تِمْثَالَ الْمَلِكِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} يَقُولُ: آيَاتُ رَبِّهِ، أُرِيَ تِمْثَالَ الْمَلِكِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِيمَا بَلَغَنِي، يَقُولُ: الْبُرْهَانُ الَّذِي رَأَى يُوسُفُ فَصَرَفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ، يَعْقُوبُ عَاضًّا عَلَى إِصْبَعِهِ، فَلَمَّا رَآهُ انْكَشَفَ هَارِبًا وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا هُوَ خَيَالُ إِطْفِيرَ سَيِّدِهِ، حِينَ دَنَا مِنَ الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا هَرَبَ مِنْهَا وَاتَّبَعَتْهُ، أَلْفَيَاهُ لَدَى الْبَابِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ عَنْ هَمِّ يُوسُفَ وَامْرَأَةِ الْعَزِيزِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ، لَوْلَا أَنْ رَأَى يُوسُفُ بُرْهَانَ رَبِّهِ، وَذَلِكَ آيَةٌ مِنَ اللَّهِ، زَجَرَتْهُ عَنْ رُكُوبِ مَا هَمَّ بِهِ يُوسُفُ مِنَ الْفَاحِشَةِ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْآيَةُ صُورَةَ يَعْقُوبَ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَلِكِ- وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْوَعِيدُ فِي الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى الزِّنَا وَلَا حُجَّةَ لِلْعُذْرِ قَاطِعَةَ بِأَيِّ ذَلِكَ [كَانَ] مِنْ أَيٍّ. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَالْإِيمَانُ بِهِ، وَتَرْكُ مَا عَدَا ذَلِكَ إِلَى عَالِمِهِ. وَقَوْلُهُ: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَمَا أَرَيْنَا يُوسُفَ بُرْهَانَنَا عَلَى الزَّجْرِ عَمَّا هَمَّ بِهِ مِنَ الْفَاحِشَةِ، كَذَلِكَ نُسَبِّبُ لَهُ فِي كُلِّ مَا عَرَضَ لَهُ مِنْ هَمٍّ يَهُمُّ بِهِ فِيمَا لَا يَرْضَاهُ، مَا يَزْجُرُهُ وَيَدْفَعُهُ عَنْهُ؛ كَيْ نَصْرِفَ عَنْهُ رُكُوبَ مَا حَرَّمْنَا عَلَيْهِ، وَإِتْيَانَ الزِّنَا، لِنُطَهِّرَهُ مِنْ دَنَسِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} اخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ. فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ “ الْمُخْلَصِينَ “، بِتَأْوِيلِ: إِنَّ يُوسُفَ مِنْ عِبَادِنَا الَّذِينَ أَخْلَصْنَاهُمْ لِأَنْفُسِنَا، وَاخْتَرْنَاهُمْ لِنُبُوَّتِنَا وَرِسَالَتِنَا. وَقَرَأَ بَعْضُ قَرَأَةِ الْبَصْرَةِ: “ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ “ بِكَسْرِ اللَّامِ بِمَعْنَى: إِنْ يُوسُفَ مِنْ عِبَادِنَا الَّذِينَ أَخْلَصُوا تَوْحِيدَنَا وَعِبَادَتَنَا، فَلَمْ يُشْرِكُوا بِنَا شَيْئًا، وَلَمْ يَعْبُدُوا شَيْئًا غَيْرَنَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِهِمَا جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْقَرَأَةِ، وَهُمَا مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى. وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَخْلَصَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ فَاخْتَارَهُ، فَهُوَ مُخْلِصٌ لِلَّهِ التَّوْحِيدَ وَالْعِبَادَةَ، وَمَنْ أَخْلَصَ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَعِبَادَتَهُ فَلَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، فَهُوَ مِمَّنْ أَخْلَصَهُ اللَّهُ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ لِلصَّوَابِ مُصِيبٌ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَالَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَاسْتَبَقَ يُوسُفُ وَامْرَأَةُ الْعَزِيزِبَابَ الْبَيْتِ، أَمَّا يُوسُفُ فَفِرَارًا مِنْ رُكُوبِ الْفَاحِشَةِ لَمَّا رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ فَزَجَرَهُ عَنْهَا، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَطَلَبُهَا لِيُوسُفَ لِتَقْضِيَ حَاجَتَهَا مِنْهُ الَّتِي رَاوَدَتْهُ عَلَيْهَا، فَأَدْرَكَتْهُ فَتَعَلَّقَتْ بِقَمِيصِهِ، فَجَذَبَتْهُ إِلَيْهَا مَانِعَةً لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَابِ،، فَقَدَّتْهُ مِنْ دُبُرٍ يَعْنِي: شَقَّتْهُ مِنْ خَلْفٍ لَا مِنْ قُدَّامٍ، لِأَنَّ يُوسُفَ كَانَ هُوَ الْهَارِبَ، وَكَانَتْ هِيَ الطَّالِبَةَ، كَمَا:- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ}، قَالَ: اسْتَبَقَ هُوَ وَالْمَرْأَةُ الْبَابَ، {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ}. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: لَمَّا رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ، انْكَشَفَ عَنْهَا هَارِبًا، وَاتَّبَعَتْهُ، فَأَخَذَتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ، فَشَقَّتْهُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَصَادَفَا سَيِّدَهَا وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ “ لَدَى الْبَابِ “، يَعْنِي: عِنْدَ الْبَابِ. كَالَّذِي:- حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا}، قَالَ: سَيِّدُهَا: زَوْجُهَا، {لَدَى الْبَابِ}، قَالَ: عِنْدَ الْبَابِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: “ السَّيِّدُ “، الزَّوْجُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}، أَيْ: عِنْدَ الْبَابِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}، قَالَ: جَالِسًا عِنْدَ الْبَابِ وَابْنُ عَمِّهَا مَعَهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا؟ إِنَّهُ رَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي، فَدَفَعْتُهُ عَنْ نَفْسِي، فَشَقَقْتُ قَمِيصَهُ. قَالَ يُوسُفُ: بَلْ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي، وَفَرَرْتُ مِنْهَا فَأَدْرَكَتْنِي، فَشَقَّتْ قَمِيصِي. فَقَالَ ابْنُ عَمِّهَا: تِبْيَانُ هَذَا فِي الْقَمِيصِ، فَإِنْ كَانَ الْقَمِيصُ، قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَّبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأُتِيَ بِالْقَمِيصِ، فَوَجَدَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدُكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرَضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}، إِطْفِيرَ، قَائِمًا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ، فَقَالَتْ وَهَابَتْهُ: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَلَطَّخَتْهُ مَكَانَهَا بِالسَّيِّئَةِ، فَرَقًا مِنْ أَنْ يَتَّهِمَهَا صَاحِبُهَا عَلَى الْقَبِيحِ. فَقَالَ هُوَ، وَصَدَقَهُ الْحَدِيثَ: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي}. وَقَوْلُهُ: {قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتِامْرَأَةُ الْعَزِيزِلِزَوْجِهَا لَمَّا أَلْفَيَاهُ عِنْدَ الْبَابِ، فَخَافَتْ أَنْ يَتَّهِمَهَا بِالْفُجُورِ: مَا ثَوَابُ رَجُلٍ أَرَادَ بِامْرَأَتِكَ الزِّنَا إِلَّا أَنْ يَسْجُنَ فِي السِّجْنِ، أَوْ إِلَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ يَقُولُ: مُوجِعٌ. وَإِنَّمَا قَالَ: {إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، لِأَنَّ قَوْلَهُ: {إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ}، بِمَعْنَى إِلَّا السِّجْنَ، فَعَطَفَ “ الْعَذَابَ “ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ “ أَنْ “ وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ بِمَنْـزِلَةِ الِاسْمِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ يُوسُفُ لَمَّا قَذَفَتْهُامْرَأَةُ الْعَزِيزِبِمَا قَذَفَتْهُ مِنْ إِرَادَتِهِ الْفَاحِشَةَ مِنْهَا، مُكَذِّبًا لَهَا فِيمَا قَذَفَتْهُ بِهِ وَدَفْعًا لِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ: مَا أَنَا رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، بَلْ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ يُوسُفَ لَمْ يُرِدْ ذِكْرَ ذَلِكَ، لَوْ لَمْ تَقْذِفْهُ عِنْدَ سَيِّدِهَا بِمَا قَذَفَتْهُ بِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نُوفٍ الشَّامِيِّ، قَالَ: مَا كَانَ يُوسُفُ يُرِيدُ أَنْ يَذْكُرَهُ، حَتَّى قَالَتْ: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} الْآيَةَ، قَالَ: فَغَضِبَ فَقَالَ: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي}. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الشَّاهِدِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ فِي الْمَهْدِ وَهُمْ صِغَارٌ: ابْنُ مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عِيسَى، وَصَاحِبُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ يَعْنِي: تَكَلَّمُوا فِي الْمَهْدِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، قَالَ: صَبِيٌّ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، قَالَ: كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: صَبِيٌّ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، بِمِثْلِهِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ صَبِيًّا فِي مَهْدِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: صَبِيٌّ فِي الْمَهْدِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، قَالَ: صَبِيٌّ أَنْطَقَهُ اللَّهُ. وَيُقَالُ: ذُو رَأْيٍ بِرَأْيهِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ»، فَذَكَرَ فِيهِمْ شَاهِدُ يُوسُفَ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا فِي الدَّارِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، قَالَ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ رَجُلًا ذَا لِحْيَةٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ ذَا لِحْيَةٍ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، قَالَ: كَانَ مِنْ خَاصَّةِ الْمَلِكَ. وَبِهِ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: مَا كَانَ بِصَبِيٍّ، وَلَكِنْ كَانَ رَجُلًا حَكِيمًا. حَدَّثَنَا سِوَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَذَكَرَهُ عِنْدَهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} فَقَالُوا: كَانَ صَبِيًّا. فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِصَبِيٍّ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ حَكِيمٌ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: كَانَ رَجُلًا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: رَجُلٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: رَجُلٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: رَجُلٌ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: ذُو لِحْيَةٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: ابْنُ عَمِّهَا كَانَ الشَّاهِدَ مَنْ أَهْلِهَا. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: ذُو لِحْيَةٍ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ذُو لِحْيَةٍ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: كَانَ مِنْ خَاصَّةِ الْمَلِكِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: رَجُلٌ حَكِيمٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: رَجُلٌ حَكِيمٌ مِنْ أَهْلِهَا. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: كَانَ رَجُلًا. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ الْحَسَنِِ، فِي قَوْلِهِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: رَجُلٌ لَهُ رَأْيٌ أَشَارَ بِرَأْيِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: يُقَالُ: إِنَّمَا كَانَ الشَّاهِدُ مُشِيرًا، رَجُلًا مِنْ أَهْلِ إِطْفِيرَ، وَكَانَ يَسْتَعِينُ بِرَأْيِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ لَقَدْ صَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ}: حَكَمَ حَاكِمٌ. حُدِّثْتُ بِذَلِكَ عَنِ الْفَرَّاءِ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَنَى بِالشَّاهِدِ، الْقَمِيصَ الْمَقْدُودَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قَالَ: قَمِيصُهُ مَشْقُوقٌ مِنْ دُبُرٍ، فَتِلْكَ الشَّهَادَةُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، قَمِيصُهُ مَشْقُوقٌ مِنْ دُبُرٍ، فَتِلْكَ الشَّهَادَةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} لَمْ يَكُنْ مِنَ الْإِنْسِ. قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، قَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ إنسيًّا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ لِلْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَنَّهُ ذَكَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ. فَذَكَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ صَاحِبُ يُوسُفَ. فَأَمَّا مَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ مِنْ أَنَّهُ الْقَمِيصُ الْمَقْدُودُ، فَمَا لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنِ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، وَلَا يُقَالُ لِلْقَمِيصِ هُوَ مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةِ. وَقَوْلُهُ: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِذَا كَانَ هَارِبًا فَإِنَّمَا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ دُبُرِهِ، فَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الشَّقَّ لَوْ كَانَ مِنْ قُبُلٍ لَمْ يَكُنْ هَارِبًا مَطْلُوبًا. وَلَكِنْ كَانَ يَكُونُ طَالِبًا مَدْفُوعًا، وَكَانَ يَكُونُ ذَلِكَ شَهَادَةً عَلَى كَذِبِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ: أَشْهَدُ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ لَقَدْ صَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا يُرِيدُ الْمَرْأَةَ مُقْبِلًا {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَأْتِي الْمَرْأَةَ مِنْ دُبُرٍ. وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْحَقِّ إِلَّا ذَاكَ. فَلَمَّا رَأَى إِطْفِيرُ قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ عَرَفَ أَنَّهُ مِنْ كَيْدِهَا، فَقَالَ: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: قَالَ-يَعْنِي الشَّاهِدَ مِنْ أَهْلِهَا-: الْقَمِيصُ يَقْضِي بَيْنَهُمَا، {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدُكُنَّ عَظِيمٌ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنَّمَا حُذِفَتْ “ أَنَّ “ الَّتِي تُتَلَقَّى بِهَا “ الشَّهَادَةُ “ لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِالشَّهَادَةِ إِلَى مَعْنَى “ الْقَوْلِ “، كَأَنَّهُ قَالَ: وَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِهَا: إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ كَمَا قِيلَ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 11]، لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِالْوَصِيَّةِ إِلَى “ الْقَوْلِ “. وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ}، خَبَرٌ عَنْ زَوْجِ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ الْقَائِلُ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ كَيْدِكُنَّ أَيْ: صَنِيعُكُنَّ، يَعْنِي مِنْ صَنِيعِ النِّسَاءِ {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}. وَقِيلَ: إِنَّهُ خَبَرٌ عَنِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ الْقَائِلُ ذَلِكَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا فِيمَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ قِيلِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَرْأَةِ وَلِيُوسُفَ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ: (يُوسُفُ) يَا يُوسُفُ {أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}، يَقُولُ: أَعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ مَا كَانَ مِنْهَا إِلَيْكَ فِيمَا رَاوَدَتْكَ عَلَيْهِ، فَلَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ، كَمَا:- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}، قَالَ: لَا تَذْكُرْهُ، (وَاسْتَغْفِرِي) أَنْتِ زَوْجَكِ، يَقُولُ: سَلِيهِ أَنْ لَا يُعَاقِبَكِ عَلَى ذَنْبِكِ الَّذِي أَذْنَبْتِ، وَأَنْ يَصْفَحَ عَنْهُ فَيَسْتُرُهُ عَلَيْكِ. {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}، يَقُولُ: إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْمُذْنِبِينَ فِي مُرَاوَدَةِ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ. يُقَالُ مِنْهُ: “ خَطِئَ “ فِي الْخَطِيئَةِ “ يَخْطَأُ خِطْأً وَخَطَأً “ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 31]، وَ“ الْخَطَأُ “ فِي الْأَمْرِ. وَحُكِيَ فِي “ الصَّوَابِ “ أَيْضًا “ الصَّوَابُ “، وَ“ الصَّوْبُ “، كَمَا قَالَ: الشَّاعِرُ: لَعَمْـرُكَ إِنَّمَـا خَـطَئِي وَصَـوْبِي *** عَـلَيَّ وَإِنَّ مَـا أَهْلَكْـتُ مَـالُ وَيُنْشِدُ بَيْتَ أُمِّيَّة: عِبَـادُكَ يُخْـطِئُونَ وَأَنْـتَ رَبٌّ *** بِكَـفَّيْكَ الْمَنَايَـا وَالْحُـتُومُ مِنْ " خَطِئَ الرَّجُلُ ". وَقِيلَ: {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}، لَمْ يَقُلْ: مِنَ الْخَاطِئَاتِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ قَصْدَ الْخَبَرِ عَنِ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْخَبَرَ عَمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَيَخْطَأُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَاحُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَحَدَّثَ النِّسَاءُ بِأَمْرِ يُوسُفَ وَأَمْرِامْرَأَةِ الْعَزِيزِفِي مَدِينَةِ مِصْرَ، وَشَاعَ مِنْ أَمْرِهِمَا فِيهَا مَا كَانَ، فَلَمْ يَنْكَتِمْ، وَقُلْنَ: {امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا}، عَبْدَهَا {عَنْ نَفْسِهِ}، كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَشَاعَ الْحَدِيثُ فِي الْقَرْيَةِ، وَتَحَدَّثَ النِّسَاءُ بِأَمْرِهِ وَأَمْرِهَا، وَقُلْنَ: {امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ}، أَيْ: عَبْدَهَا. وَأَمَّا “ الْعَزِيزُ “ فَإِنَّهُ: “ الْمَلِكُ “ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي دُؤَادَ: دُرَّةٌ غَـاصَ عَلَيْهَـا تَـاجِرٌ *** جُـلِيَتْ عِنْـدَ عَزِيـزٍ يَـوْمَ طَـلِّ يَعْنِي بِالْعَزِيزِ، الْمَلِكَ، وَهُوَ مِنْ “ الْعِزَّةِ “. وَقَوْلُهُ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، يَقُولُ قَدْ وَصَلَ حُبُّ يُوسُفَ إِلَى شَغَافِ قَلْبِهَا فَدَخَلَ تَحْتَهُ، حَتَّى غَلَبَ عَلَى قَلْبِهَا. وَ “ شَغَافُ الْقَلْبِ: “ حِجَابُهُ وَغِلَافُهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِيَّاهُ عَنَى النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ بِقَوْلِهِ: وَقَـدْ حَـالَ هَـمٌّ دُونَ ذَلِـكَ دَاخِـلٌ *** دُخُـولَ شَـغَافٍ تَبْتَغِيـهِ الْأَصَـابِعُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {شَغَفَهَا حُبًّا} قَالَ: دَخَلَ حُبُّهُ تَحْتَ الشَّغَافِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: دَخَلَ حُبُّهُ فِي شَغَافِهَا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: دَخَلَ حُبُّهُ فِي شَغَافِهَا. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: كَانَ حُبُّهُ فِي شَغَافِهَا. قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَبَّابَةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، يَقُولُ: عَلَقَهَا حُبًّا. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: غَلَبَهَا. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ الطَّائِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: “ الْمَشْغُوفُ: “ الْمُحِبُّ، وَ“ الْمَشْعُوفُ “، الْمَجْنُونُ. وَبِهِ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ وَالْحَسَنِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطَنَهَا حُبًّا. وَقَالَ الْآخَرُ: قَدْ صَدَقَهَا حُبًّا. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِِ، فِي قَوْلِهِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: قَدْ بَطَّنَهَا حُبًّا قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ أَبُو بِشْرٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: “ قَدْ بَطَنَهَا حُبًّا “. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: بَطَنَهَا حُبًّا. وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: قَدْ بَطَنَ بِهَا حُبًّا. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: بَطَنَهَا حُبُّهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ. عَنِ الْحَسَنِِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: بَطَنَ بِهَا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: اسْتَبْطَنَهَا حُبُّهَا إِيَّاهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، أَيْ: قَدْ عَلَقَهَا. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: قَدْ عَلَقَهَا حُبًّا. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ، قَالَ: هُوَ الْحُبُّ اللَّازِقُ بِالْقَلْبِ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ، فِي قَوْلِهِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، يَقُولُ: هَلَكَتْ عَلَيْهِ حُبًّا، وَ“ الشَّغَافُ: “ شَغَافُ الْقَلْبِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}، قَالَ: وَ“ الشَّغَافُ: “ جِلْدَةٌ عَلَى الْقَلْبِ يُقَالُ لَهَا: “ لِسَانُ الْقَلْبِ “، يَقُولُ: دَخَلَ الْحُبُّ الْجِلْدَ حَتَّى أَصَابَ الْقَلْبَ. وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ. فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ بِالْغَيْنِ: (قَدْ شَغَفَهَا)، عَلَى مَعْنَى مَا وَصَفْتُ مِنَ التَّأْوِيلِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو رَجَاءٍ: “ قَدْ شَعَفَهَا “ بِالْعَيْنِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ: “ قَدْ شَعَفَهَا “. قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، أَوْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ: “ قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا “، بِالْعَيْنِ. قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْبُوبٌ، قَالَ: قَرَأَهُ عَوْفٌ: “ قَدْ شَعَفَهَا “. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أُسَيْدٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ: “ قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا “، وَقَالَ: شَعَفَهَا إِذَا كَانَ هُوَ يُحِبُّهَا. وَوَجَّهَ هَؤُلَاءِ مَعْنَى الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ الْحُبَّ قَدْ عَمَّهَا. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: “ قَدْ شُعِفَ بِهَا “، كَأَنَّهُ ذَهَبَ بِهَا كُلَّ مَذْهَبٍ، مِنْ “ شَعَفَ الْجِبَالِ “، وَهِيَ رُءُوسُهَا. وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: “ الشَّغَفُ “، شَغَفَ الْحُبِّ وَ“ الشَّعْفُ “، شَعْفُ الدَّابَّةِ حِينَ تُذْعَرُ. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحَارِثُ، عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّهُ قَالَ: يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي عُوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ عَنْهُ. قَالَ الْحَارِثُ: قَالَ الْقَاسِمُ، يَذْهَبُ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَنَّ أَصْلَ “ الشَّعَفِ “، هُوَ الذُّعْرُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْأَصْلِ، إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ رُبَّمَا اسْتَعَارَتِ الْكَلِمَةَ فَوَضَعَتْهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: أَتَقْتُلُنِـي وَقَـدْ شَـعَفْتُ فُؤَادَهَـا *** كَمَـا شَـعَفَ المَهْنُـوءَةَ الرَّجُلُ الطَّالِي قَالَ: وَ“ شَعْفُ الْمَرْأَةِ “ مِنَ الْحُبِّ، وَ“ شَعْفُ الْمَهْنُوءَةِ “ مِنَ الذُّعْرِ، فَشَبَّهَ لَوْعَةَ الْحُبِّ وَجَوَاهُ بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ مَا:- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} قَالَ: إِنَّ “ الشَّغَفَ “ وَ“ الشَّعَفَ “، مُخْتَلِفَانِ، وَ“ الشَّعَفُ “، فِي الْبُغْضِ وَ“ الشَّغَفُ “ فِي الْحُبِّ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ “ الشَّعَفَ “ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى عُمُومِ الْحُبِّ، أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَجْهَلَهُ ذُو عِلْمٍ بِكَلَامِهِمْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ: (قَدْ شَغَفَهَا)، بِالْغَيْنِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقَرَأَةِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، قُلْنَ: إِنَّا لَنَرَىامْرَأَةَ الْعَزِيزِفِي مُرَاوَدَتِهَا فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَغَلَبَةِ حُبِّهِ عَلَيْهَا، لَفِي خَطَأٍ مِنَ الْفِعْلِ، وَجَوْرٍ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ “ مُبِينٍ “، لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَعَلِمَهُ أَنَّهُ ضَلَالٌ، وَخَطَأٌ غَيْرُ صَوَابٍ وَلَا سَدَادٍ. وَإِنَّمَا كَانَ قِيلُهُنَّ مَا قُلْنَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَحَدُّثُهُنَّ بِمَا تَحَدَّثْنَ بِهِ مِنْ شَأْنِهَا وَشَأْنِ يُوسُفَ، مَكْرًا مِنْهُنَّ، فِيمَا ذُكِرَ، لِتُرِيَهُنَّ يُوسُفَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًاوَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا سَمِعَتِامْرَأَةُ الْعَزِيزِبِمَكْرِ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قُلْنَ فِي الْمَدِينَةِ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُنَّ وَكَانَ مَكْرُهُنَّ مَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ}، يَقُولُ: بِقَوْلِهِنَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: لَمَّا أَظْهَرَ النِّسَاءُ ذَلِكَ، مِنْ قَوْلِهِنَّ: “ تُرَاوِدُ عَبْدَهَا! “ مَكْرًا بِهَا لِتُرِيَهُنَّ يُوسُفَ، وَكَانَ يُوصَفُ لَهُنَّ بِحُسْنِهِ وَجَمَالِهِ؛ {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ}:، أَيْ بِحَدِيثِهِنَّ، (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ)، يَقُولُ: أَرْسَلَتْ إِلَى النِّسْوَةِ اللَّاتِي تَحَدَّثْنَ بِشَأْنِهَا وَشَأْنِ يُوسُفَ. (وَأَعْتَدَتْ)، “ أَفْعَلَتْ “ مِنَ الْعَتَادِ، وَهُوَ الْعُدَّةُ، وَمَعْنَاهُ: أَعَدَّتْ لَهُنَّ “ مُتَّكَأً “، يَعْنِي: مَجْلِسًا لِلطَّعَامِ، وَمَا يَتَّكِئْنَ عَلَيْهِ مِنَ النَّمَارِقِ وَالْوَسَائِدِ: وَهُوَ “ مُفْتَعَلً “ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: “ اتَّكَأْتُ “، يُقَالُ: “ أَلْقِ لَهُ مُتَّكَأً “، يَعْنِي: مَا يَتَّكِئُ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} قَالَ: طَعَامًا وَشَرَابًا وَمُتَّكَأً. قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: يَتَّكِئْنَ عَلَيْهِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: مَجْلِسًا. قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (مُتَّكَآءً)، وَيَقُولُ: هُوَ الْمَجْلِسُ وَالطَّعَامُ. قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: مَنْ قَرَأَ: “ مُتْكَأً “، خَفِيفَةً، يَعْنِي طَعَامًا. وَمَنْ قَرَأَ (مُتَّكَأً)، يَعْنِي الْمُتَّكَأَ. فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا عَنْهُ تَأْوِيلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، هُوَ مَعْنَى الْكَلِمَةِ، وَتَأْوِيلُ “ الْمُتَّكَأِ “، وَأَنَّهَا أَعَدَّتْ لِلنِّسْوَةِ مَجْلِسًا فِيهِ مُتَّكَأٌ وَطَعَامٌ وَشَرَابٌ وَأُتْرَجٌّ. ثُمَّ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ “ الْمُتَّكَأَ “ بِأَنَّهُ الطَّعَامُ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ عَنِ الَّذِي أُعِدَّ مِنْ أَجْلِهِ الْمُتَّكَأُ وَبَعْضُهُمْ عَنِ الْخَبَرِ عَنِ الْأُتْرُجِّ. إِذْ كَانَ فِي الْكَلَامِ: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}، لِأَنَّ السِّكِّينَ إِنَّمَا تُعَدُّ لِلْأُتْرُجِّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُقْطَعُ بِهِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْبَزْمَاوَرْدِ. حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَاكِ، فِي قَوْلِهِ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: الْبَزْمَاوَرْدُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةُ مُعَمِّرُ بْنُ الْمُثَنَّى: “ الْمُتَّكَأُ: “ هُوَ النُّمْرُقُ يُتَّكَأُ عَلَيْهِ. وَقَالَ: زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ الْأُتْرُجُّ. قَالَ: وَهَذَا أَبْطَلُ بَاطِلٍ فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ مَعَ “ الْمُتَّكَأِ “ أَتُرَجُّ يَأْكُلُونَهُ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّهُ بَعْضُ مَا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ الْكِسَائِيَّ كَانَ يَقُولُ: قَدْ ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ انْقَرَضَ أَهْلُهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْقَوْلُ فِي أَنَّ الْفُقَهَاءَ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا شَكَّ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَبْعُدْ مِنَ الصَّوَابِ فِي هَذَا الْقَوْلِ، بَلِ الْقَوْلُ كَمَا قَالَ، مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلْمُتَّكَأِ: هُوَ الْأُتْرُجُّ، إِنَّمَا بَيَّنَ الْمُعَدَّ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي فِيهِ الْمُتَّكَأُ، وَالَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعْطِينَ السَّكَاكِينَ، لِأَنَّ السَّكَاكِينَ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تُعَدُّ لِلْمُتَّكَأِ إِلَّا لِتَخْرِيقِهِ! وَلَمْ يُعْطِينَ السَّكَاكِينَ لِذَلِكَ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ صِحَّةَ ذَلِكَ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ أَنَّ “ الْمُتَّكَأَ “ هُوَ الْمَجْلِسُ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ، مَا:- حَدَّثَنِي بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}، قَالَ: أَعْطَتْهُنَّ أُتْرُجًّا، وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا. فَبَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ هَذِهِ، مَا أَعْطَتِ النِّسْوَةَ، وَأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ بَيَانِ مَعْنَى “ الْمُتَّكَأِ “، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مَعْنَاهُ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ فِي تَأْوِيلِ “ الْمُتَّكَأِ “ مَا ذَكَرْنَا: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: التُّرُنْجُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ 1عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: “ مُتْكًا “ مُخَفَّفَةً، وَيَقُولُ: هُوَ الْأُتْرُجُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطِيَّةَ: “ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً “، قَالَ الطَّعَامُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِِ، فِي قَوْلِهِ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: طَعَامًا. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِِ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: طَعَامًا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ (مُتَّكَأً) فَهُوَ الطَّعَامُ، وَمَنْ قَرَأَهَا “ مُتْكَأً “ فَخَفَّفَهَا، فَهُوَ الْأُتْرُجُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (مُتَّكَأً)، قَالَ: طَعَامًا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ: “ مُتْكَأً “، خَفِيفَةً، فَهُوَ الْأُتْرُجُّ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَقُولُ: الْأُتْرُجُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}:، أَيْ طَعَامًا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ. قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: (مُتَّكَأً)، قَالَ: طَعَامًا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتْكَأً}، يَعْنِي الْأُتْرُجَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، وَالْمُتَّكَأُ، الطَّعَامُ. قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: الطَّعَامُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، قَالَ: طَعَامًا. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (مُتَّكَأً)، فَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ يُجَزُّ بِالسِّكِّينِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، مُخْبِرًا عَنِامْرَأَةِ الْعَزِيزِوَالنِّسْوَةِ اللَّاتِي تَحَدَّثْنَ بِشَأْنِهَا فِي الْمَدِينَةِ: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}، يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي حَضَرْنَهَا، سِكِّينًا لِتَقْطَعَ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ مَا تَقْطَعُ بِهِ. وَذَلِكَ مَا ذَكَرْتُ أَنَّهَا آتَتْهُنَّ إِمَّا مِنَ الْأُتْرُجِّ، وَإِمَّا مِنَ الْبَزْمَاوُرْدِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْطَعُ بِالسِّكِّينِ، كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}، وَأُتْرُجًّا يَأْكُلْنَهُ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}، قَالَ: أَعْطَتْهُنَّ أُتْرُجًّا، وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}، لِيَحْتَزِزْنَ بِهِ مِنْ طَعَامِهِنَّ. حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}، وَأَعْطَتْهُنَّ تُرنُجًا وَعَسَلًا فَكُنَّ يَحْزُزْنَ التُّرْنُجَّ بِالسِّكِّينِ، وَيَأْكُلْنَ بِالْعَسَلِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ بَيَانُ صِحَّةِ مَا قُلْنَا وَاخْتَرْنَا فِي قَوْلِهِ {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ إِيتَاءِامْرَأَةِ الْعَزِيزِالنِّسْوَةَ السَّكَاكِينَ، وَتَرَكَ مَا لَهُ آتَتْهُنَّ السَّكَاكِينَ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ السَّكَاكِينَ لَا تُدْفَعُ إِلَى مَنْ دُعِيَ إِلَى مَجْلِسٍ إِلَّا لِقَطْعِ مَا يُؤْكَلُ إِذَا قُطِعَ بِهَا. فَاسْتُغْنِيَ بِفَهْمِ السَّامِعِ بِذِكْرِ إِيتَائِهَا صَوَاحِبَاتِهَا السَّكَاكِينَ، عَنْ ذِكْرِ مَا لَهُ آتَتْهُنَّ ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ اعْتِدَادِهَا لَهُنَّ الْمُتَّكَأَ، عَنْ ذِكْرِ مَا يُعْتَدُّ لَهُ الْمُتَّكَأُ مِمَّا يَحْضُرُ الْمَجَالِسَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْفَوَاكِهِ وَصُنُوفِ الِالْتِهَاءِ؛ لِفَهْمِ السَّامِعِينَ بِالْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ، وَدَلَالَةِ قَوْلِهِ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}، عَلَيْهِ. فَأَمَّا نَفْسُ “ الْمُتَّكَأِ “ فَهُوَ مَا وَصَفْنَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: {وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَتِامْرَأَةُ الْعَزِيزِ لِيُوسُفَ: {اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ}، فَخَرَجَ عَلَيْهِنَّ يُوسُفُ {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَلَمَّا رَأَيْنَ يُوسُفَ أَعْظَمْنَهُ وَأَجْلَلْنَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ، حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: (أَكْبَرْنَهُ)، أَعْظَمْنَهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}:، أَيْ: أَعْظَمْنَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ}، لِيُوسُفَ {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}: عَظَّمْنَهُ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}، قَالَ: أَعْظَمْنَهُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ}، فَخَرَجَ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَعْظَمْنَهُ وبُهِتْنَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جِدِّهِ، فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}، قَالَ: حِضْنَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}، يَقُولُ: أَعْظَمْنَهُ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْنِي الْقَوْلَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فِي مَعْنَى (أَكْبَرْنَهُ)، أَنَّهُ حِضْنَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَنَى بِهِ أَنَّهُنَّ حِضْنَ مِنْ إِجْلَالِهِنَّ يُوسُفَ وَإِعْظَامِهِنَّ لِمَا كَانَ اللَّهُ قَسَمَ لَهُ مِنَ الْبَهَاءِ وَالْجَمَالِ، وَلِمَا يَجِدُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ النِّسَاءُ عِنْدَ مُعَايَنَتِهِنَّ إِيَّاهُ فَقَوْلٌ لَا مَعْنًى لَهُ. لِأَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: فَلَمَّا رَأَيْنَ يُوسُفَ أَكْبَرْنَهُ، فَالْهَاءُ الَّتِي فِي “ أَكْبَرْنَهُ “، مِنْ ذِكْرِ يُوسُفَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَحِضْنَ يُوسُفَ. وَلَكِنَّ الْخَبَرَ، إِنْ كَانَ صَحِيحًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مَا رُوِيَ، فَخَلِيقٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُنَّ حِضْنَ لِمَا أَكْبَرْنَ مِنْ حُسْنِ يُوسُفَ وَجِمَالِهِ فِي أَنْفُسِهِنَّ، وَوَجَدْنَ مَا يَجِدُ النِّسَاءُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَنْشَدَهُ فِي “ أَكْبَرْنَ “ بِمَعْنَى حِضْنَ، بَيْتًا لَا أَحْسَبُ أَنَّ لَهُ أَصْلًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ عِنْدَ الرُّوَاةِ، وَذَلِكَ: نَـأْتِي النِّسَـاءَ عَـلَى أَطْهَـارِهِنَّ وَلَا *** نَـأْتِي النِّسَـاءَ إِذَا أَكْـبَرْنَ إِكْبَـارَا وَزَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ: إِذَا حِضْنَ. وَقَوْلُهُ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُنَّ حَزَزْنَ بِالسِّكِّينِ فِي أَيْدِيهِنَّ، وَهُنَّ يَحْسَبْنَ أَنَّهُنَّ يَقْطَعْنَ الْأُتْرُجَّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، حَزًّا حَزًّا بِالسِّكِّينِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، قَالَ: حَزًّا حَزًّا بِالسَّكَاكِينِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، قَالَ: حَزًّا حَزًّا بِالسِّكِّينِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} قَالَ: جَعَلَ النِّسْوَةُ يَحْزُزْنَ أَيْدِيَهُنَّ، يَحْسَبْنَ أَنَّهُنَّ يُقَطِّعْنَ الْأُتْرُجَّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ يَقُولُ: كَانَتْ فِي أَيْدِيهِنَّ سَكَاكِينُ مَعَ الْأُتْرُجِّ، فَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَسَالَتِ الدِّمَاءُ، فَقُلْنَ: نَحْنُ نَلُومُكِ عَلَى حُبِّ هَذَا الرَّجُلِ، وَنَحْنُ قَدْ قَطَّعْنَا أَيْدِيَنَا وَسَالَتِ الدِّمَاءُ! حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: جَعَلْنَ يَحْزُزْنَ أَيْدِيَهُنَّ بِالسِّكِّينِ، وَلَا يَحْسَبْنَ إِلَّا أَنَّهُنَّ يَحْزُزْنَ التُّرْنُجَّ، قَدْ ذَهَبَتْ عُقُولُهُنَّ مِمَّا رَأَيْنَ! حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، وَحَزَزْنَ أَيْدِيَهُنَّ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَعَلْنَ يُقَطِّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَهُنَّ يَحْسَبْنَ أَنَّهُنَّ يُقَطِّعْنَ الْأُتْرُجَّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، قَالَ: جَعَلْنَ يَحْزُزْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَلَا يَشْعُرْنَ بِذَلِكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَتْ لِيُوسُفَ: {اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ}، فَخَرَجَ عَلَيْهِنَّ {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}، وَغُلِبَتْ عُقُولُهُنَّ عَجَبًا حِينَ رَأَيْنَهُ، فَجَعَلْنَ يُقَطِّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ بِالسَّكَاكِينِ الَّتِي مَعَهُنَّ، مَا يَعْقِلْنَ شَيْئًا مِمَّا يَصْنَعْنَ {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا}. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُنَّ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَبَنَّهَا، وَهُنَّ لَا يَشْعُرْنَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَلْقَيْنَهَا. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَمِّرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، قَالَ: قَطَعْنَ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَلْقَيْنَهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْهُنَّ أَنَّهُنَّ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَهُنَّ لَا يَشْعُرْنَ لِإِعْظَامِ يُوسُفَ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَطْعًا بِإِبَانَةٍ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ قَطْعَ حَزٍّ وَخَدْشٍ وَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَصْوَبُ مِنَ التَّسْلِيمِ لِظَاهِرِ التَّنْـزِيلِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ الْحُسْنِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ. وَبِهِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُسِمَ لِيُوسُفَ وَأُمِّهِ ثُلُثَ الْحُسْنِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ الْخَلْقِ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيَّانِ، قَالَا حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ شَطْرَ الْحُسْنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَأُعْطِيَ النَّاسُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ قَالَ: أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ الثُّلُثَيْنِ، وَأُعْطِيَ النَّاسُ الثُّلُثَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجَرَشِيِّ، قَالَ: قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنِ، فَأُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُسَارَّةَنِصْفَ الْحُسْنِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ سَائِرِ الْخَلْقِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجَرَشِيِّ، قَالَ: قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنِ: فَقُسِمَ لِيُوسُفَ وَأُمِّهِ النِّصْفُ، وَالنِّصْفُ لِسَائِرِ النَّاسِ. حَدَّثَنَا ابَْنُ وَكِيعٍ وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجَرَشِيِّ، قَالَ: قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنِ، فَجُعِلَ لِيُوسُفَ وَسَارَةَالنِّصْفُ، وَجُعِلَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ نِصْفٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِِ: أُعْطِي يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ الدُّنْيَا، وَأُعْطِيَ النَّاسُ الثُّلُثَيْنِ. وَقَوْلُهُ: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ}، اخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ. فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْكُوفِيِّينَ: {حَاشَ لِلَّهِ} بِفَتْحِ الشِّينِ وَحَذْفِ الْيَاءِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ “ حَاشَى لِلَّهِ “. وَفِيهِ لُغَاتٌ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا: “ حَاشَى اللَّهِ “، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: حَاشَـى أَبِـي ثَوْبَـانَ إِنَّ بِـهِ *** ضَنًّـا عَـنِ المَلْحَـاةِ وَالشَّـتْمِ وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِهَذِهِ اللُّغَةِ: “ حَشَى اللَّهَ “، وَ“ حَاشْ اللَّهَ “، بِتَسْكِينِ الشِّينِ وَالْأَلِفِ، يَجْمَعُ بَيْنَ السَّاكِنِينَ. وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَإِنَّمَا هِيَ بِإِحْدَى اللُّغَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَمَنْ قَرَأَ: {حَاشَ لِلَّهِ} بِفَتْحِ الشِّينِ وَإِسْقَاطِ الْيَاءِ، فَإِنَّهُ أَرَادَ لُغَةَ مَنْ قَالَ: “ حَاشَى لِلَّهِ “، بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَلَكِنَّهُ حَذَفَ الْيَاءَ لِكَثْرَتِهَا عَلَى أَلْسُنِ الْعَرَبِ، كَمَا حَذَفَتِ الْعَرَبُ الْأَلِفَ مِنْ قَوْلِهِمْ: “ لَا أَبَ لِغَيْرِكَ “، وَ“ لَا أَبَ لِشَانِيكَ “، وَهُمْ يَعْنُونَ: “ لَا أَبَا لِغَيْرِكَ “. وَ“ لَا أَبَا لِشَانِيكَ “. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَزْعُمُ أَنَّ لِقَوْلِهِمْ: “ حَاشَى لِلَّهِ “، مَوْضِعَيْنِ فِي الْكَلَامِ: أَحَدُهُمَا: التَّنْـزِيهُ. وَالْآخَرُ: الِاسْتِثْنَاءُ. وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَنَا بِمَعْنَى التَّنْـزِيهِ لِلَّهِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ يُقَالُ: لِلْقَارِئِ الْخِيَارُ فِي قِرَاءَتِهِ بِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ شَاءَ، إِنْ شَاءَ بِقِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ، وَإِنْ شَاءَ بِقِرَاءَةِ الْبَصْرِيِّينَ، وَهُوَ: {حَاشَ لِلَّهِ} وَ“ حَاشَى لِلَّهِ “، لِأَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلُغَاتٌ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ قَارِئًا قَرَأَ بِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ}، قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {حَاشَ لِلَّهِ}، مَعَاذَ اللَّهِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ}: مَعَاذَ اللَّهِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {حَاشَ لِلَّهِ}: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِِ: {حَاشَ لِلَّهِ}: مَعَاذَ اللَّهِ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. وَقَوْلُهُ: {مَا هَذَا بَشَرًا}، يَقُولُ: قُلْنَ مَا هَذَا بَشَرًا، لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَرَيْنَ فِي حُسْنِ صُورَتِهِ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا، فَقُلْنَ: لَوْ كَانَ مِنَ الْبَشَرِ، لَكَانَ كَبَعْضِ مَا رَأَيْنَا مِنْ صُورَةِ الْبَشَرِ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا مِنَ الْبَشَرِ، كَمَا:- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا}: مَا هَكَذَا تَكُونُ الْبَشَرُ! وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ. وَقَدْ:- حُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ زِيَادٍ الْفَرَّاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي دِعَامَةُ بْنُ رَجَاءٍ التَّيْمِيُّ وَكَانَ غَزَّاءً عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ: “ مَا هَذَا بِشِرًى “، أَيْ مَا هَذَا بِمُشْتَرًى. يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ أَنْكَرْنَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مُسْتَعْبَدًا يُشْتَرَى وَيُبَاعُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا، لِإِجْمَاعِ قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِهَا. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ خِلَافُهَا فِيهِ. وَأَمَّا “ نَصْبُ “ الْبَشَرِ، فَمِنْ لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ إِذَا أَسْقَطُوا “ الْبَاءَ “ مِنَ الْخَبَرِ نَصَبُوهُ، فَقَالُوا: “ مَا عَمْرٌو قَائِمًا “. وَأَمَّا أَهْلُ نَجْدٍ، فَإِنَّ مِنْ لُغَتِهِمْ رَفْعَهُ، يَقُولُونَ: “ مَا عَمْرٌو قَائِمٌ “؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ حَيْثُ يَقُولُ: لَشَـتَّانَ مَـا أَنْـوِي وَيَنْـوِي بَنُـو أَبِي *** جَمِيعًـا، فَمَـا هَـذَانِ مُسْـتَوِيَانِ تَمَنَّـوْا لِـيَ المَـوْتَ الَّذِي يَشْعَبُ الْفَتَى *** وَكُـلُّ فَتًـى وَالمَـوْتُ يَلْتَقِيَـانِ وَأَمَّا الْقُرْآنُ، فَجَاءَ بِالنَّصْبِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ نَـزَلَ بِلُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَقَوْلُهُ: {إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}، يَقُولُ: قُلْنَ مَا هَذَا إِلَّا مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا:- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}، قَالَ: قُلْنَ: مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَوَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتِامْرَأَةُ الْعَزِيزِلِلنِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، فَهَذَا الَّذِي أَصَابَكُنَّ فِي رُؤْيَتِكُنَّ إِيَّاهُ، وَفِي نَظْرَةٍ مِنْكُنَّ نَظَرْتُنَّ إِلَيْهِ مَا أَصَابَكُنَّ مِنْ ذَهَابِ الْعَقْلِ وَعُزُوبِ الْفَهْمِ وَلَهًا، أَلِهْتُنَّ حَتَّى قَطَّعْتُنَّ أَيْدِيَكُنَّ، هُوَ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِي حُبِّي إِيَّاهُ، وَشَغَفِ فُؤَادِي بِهِ، فَقُلْتُنَّ: قَدْ شَغَفَامْرَأَةَ الْعَزِيزِفَتَاهَا حُبًّا، إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ! ثُمَّ أَقَرَّتْ لَهُنَّ بِأَنَّهَا قَدْ رَاوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنَّ الَّذِي تَحَدَّثْنَ بِهِ عَنْهَا فِي أَمْرِهِ حَقٌّ فَقَالَتْ: {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}، مِمَّا رَاوَدْتُهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَتْ: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}:، تَقُولُ: بَعْدَ مَا حَلَّ السَّرَاوِيلَ اسْتَعْصَى، لَا أَدْرِي مَا بَدَا لَهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: (فَاسْتَعْصَمَ)، أَيْ: فَاسْتَعْصَى. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (فَاسْتَعْصَمَ)، يَقُولُ: فَامْتَنَعَ. وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}، تَقُولُ: وَلَئِنْ لَمْ يُطَاوِعْنِي عَلَى مَا أَدْعُوهُ إِلَيْهِ مِنْ حَاجَتِي إِلَيْهِ (لَيُسْجَنَنَّ)، تَقُولُ: لَيُحْبَسَنَّ وليكونًا مِنْ أَهْلِ الصَّغَارِ وَالذِّلَّةِ بِالْحَبْسِ وَالسَّجْنِ، وَلَأُهِينَنَّهُ وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: “ لَيُسْجَنَنَّ “، بِالنُّونِ، لِأَنَّهَا مُشَدَّدَةٌ، كَمَا قِيلَ: (لَيُبَطِّئَنَّ)، [سُورَةُ النِّسَاءِ: 72] وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وليكونًا) فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ، لِأَنَّهَا النُّونُ الْخَفِيفَةُ، وَهِيَ شَبِيهَةُ نُونِ الْإِعْرَابِ فِي الْأَسْمَاءِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: “ رَأَيْتُ رَجُلًا عِنْدَكَ “، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى “ الرَّجُلِ “ قِيلَ: “ رَأَيْتُ رَجُلًا “، فَصَارَتِ النُّونُ أَلِفًا. فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي: “ وَلَيَكُونًا “، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ}، [سُورَةُ الْعَلَقِ: 15، ] الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالْأَلِفِ لِمَا ذَكَرْتُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعشي: وَصَـلِّ عَـلَى حَيْنِ العَشَيَّاتِ وَالضُّحَى *** وَلَا تَعْبُـدِ الشَّـيْطَانَ وَاللـهَ فَـاعْبُدَا وَإِنَّمَا هُوَ: “ فَاعْبُدْنَ “، وَلَكِنْ إِذَا وَقَفَ عَلَيْهِ كَانَ الْوَقْفُ بِالْأَلِفِ.
|